سعر سهم سابك عند الاكتتاب
سعر سهم سابك عند الاكتتاب
في عالم الاستثمار، تبرز الشركات الكبرى كأعمدة استقرار وثقة في الأسواق المالية، ومن بين تلك الشركات تلمع سابك – الشركة السعودية للصناعات الأساسية – كواحدة من أكبر الشركات البتروكيماوية في العالم.
ورغم أنها مدرجة في السوق السعودي منذ سنوات، فإن الكثير من المستثمرين الجدد ما زالوا يتساءلون عن كيفية فهم سعر سهم سابك، خصوصًا وقت الاكتتاب، وهو ما يدفعنا لطرح هذا المقال التوضيحي الذي يجمع بين التحليل المالي والمفاهيم البسيطة لفهم الصورة بشكل أوسع.
ما هو الاكتتاب ؟
الاكتتاب هو العملية التي تطرح فيها شركة ما جزءًا من ملكيتها في السوق المالية من خلال أسهم، ليتمكن الأفراد والمؤسسات من شرائها.
الهدف من الاكتتاب غالبًا هو جمع رأس مال إضافي للتوسع أو لسداد ديون أو لتحسين المركز المالي العام.
رغم أن سابك اكتتبت قبل عقود (في عام 1984)، فإن الحديث عن سعر السهم وقت الاكتتاب يثير الاهتمام لأنه يقدم نظرة إلى تطور الشركة ومكانتها اليوم.
كما يُعد مرجعًا جيدًا لفهم كيف تتغير قيمة الشركات عبر الزمن.
سابك وتاريخ الاكتتاب
عندما طُرحت أسهم سابك للاكتتاب العام، كانت البيئة الاستثمارية في المملكة لا تزال في بداياتها، وكانت سابك حينها تمثل مشروعًا وطنيًا ضخمًا برؤية طموحة في قطاع الصناعات البتروكيماوية.
تم تحديد سعر الاكتتاب آنذاك بـ 100 ريال سعودي للسهم الواحد، وهو السعر الاسمي المتعارف عليه في تلك الحقبة لمعظم الاكتتابات، حيث لم تكن هناك آليات تسعير بناءً على تقييم السوق كما هو الحال اليوم (نظام Book Building).
وقد كان ذلك السعر مغريًا وقتها بالنظر إلى إمكانيات الشركة والدعم الحكومي المقدم لها.
وفعليًا، كان الاكتتاب في سابك من أنجح الاكتتابات التي شهدتها السوق السعودية.
كيف يتم تحديد سعر السهم عند الاكتتاب ؟
تحديد سعر السهم عند الاكتتاب يعتمد على عدة عوامل منها:
التقييم المالي للشركة: يشمل الأصول، الإيرادات، الأرباح، والديون.
الوضع الاقتصادي العام: استقرار الاقتصاد المحلي والعالمي.
القطاع الذي تنتمي له الشركة: فمثلاً قطاع البتروكيماويات يحمل خصوصية مرتبطة بأسعار النفط والطلب العالمي.
نسبة الأسهم المطروحة: كلما قل العرض وزاد الطلب ارتفع السعر.
رغبة الحكومة أو الملاك الحاليين: أحيانًا يكون التسعير استراتيجيًا لأغراض سياسية أو اجتماعية.
وبالنسبة لسابك، فإن التسعير تم بطريقة تقليدية وليس عبر “بناء سجل الأوامر” (Book Building) كما هو معمول به اليوم، مما يحد من دقة تقييم السعر الحقيقي بحسب قوى العرض والطلب في السوق.
ماذا يعني سعر الاكتتاب بالنسبة للمستثمر ؟
سعر الاكتتاب هو النقطة التي يبدأ عندها التقييم الاستثماري.
إذا اشتريت السهم عند الاكتتاب، فإن أداء السهم بعد الإدراج في السوق يحدد ما إذا كانت استثمارك ناجحًا أم لا.
لكن الأهم هو فهم أن السعر لا يعكس بالضرورة “القيمة الحقيقية” للشركة.
قد يكون منخفضًا جدًا لجذب المستثمرين، أو مرتفعًا بناءً على توقعات مستقبلية.
لذلك لا بد من دراسة معمقة قبل الاستثمار.
سابك اليوم مقارنة بسعر الاكتتاب
مع مرور أكثر من 40 عامًا على اكتتاب سابك، تطورت الشركة بشكل مذهل:
توسعت عالميًا من خلال استحواذها على شركات أوروبية وآسيوية.
حققت أرباحًا ضخمة سنويًا حتى أصبحت من أعمدة الاقتصاد السعودي.
في 2020، استحوذت أرامكو على حصة الأغلبية في سابك، مما رفع من قيمة الشركة ودمجها ضمن الرؤية السعودية 2030.
سعر سهم سابك في السوق اليوم يتراوح في مستويات تفوق 100 ريال (سعر الاكتتاب الأصلي) بكثير، رغم التذبذبات المرتبطة بأسعار النفط والاقتصاد العالمي.
ماذا لو كنت قد اشتريت سهم سابك عند الاكتتاب ؟
لنفترض أنك اشتريت 100 سهم من سابك في 1984 بسعر 100 ريال للسهم.
ستكون دفعت 10,000 ريال.
على مدى العقود، حصلت تغييرات عدة في رأس المال (منح، توزيعات، تجزئة أسهم).
وبحساب العوائد التراكمية (بما في ذلك التوزيعات النقدية)، فإن القيمة السوقية لتلك الأسهم اليوم قد تصل لأضعاف الاستثمار الأصلي، وربما تتجاوز أكثر من 400,000 ريال حسب أوقات إعادة استثمار التوزيعات.
هذا المثال يوضح أثر الاستثمار طويل المدى في الشركات الكبرى ذات الأداء القوي.
كيف أقيّم الاكتتابات المستقبلية مثل سابك ؟
حتى وإن لم تلحق باكتتاب سابك، يمكنك أن تستفيد من تجربتها عبر المبادئ التالية:
اقرأ نشرة الإصدار بتأنٍ.
قارن بين القوائم المالية والتدفقات النقدية.
راقب رأي الخبراء والمحللين الماليين.
لا تشتري لمجرد أن “الجميع يشتري”.
ضع هدفًا زمنيًا لاستثمارك (قصير/طويل الأجل).
ما هو سعر سهم سابك عند الاكتتاب ؟
سعر السهم عند الاكتتاب في عام 1984 كان 100 ريال سعودي، وهو السعر الاسمي المتبع وقتها، نظرًا لأن آلية تحديد السعر بالاعتماد على القيمة السوقية لم تكن مطبقة بعد.
كيف تغير سعر سهم سابك منذ الاكتتاب وحتى اليوم ؟
سعر السهم شهد تقلبات كثيرة لكنه في المجمل اتجه صعودًا، مدعومًا بالأرباح والتوسعات الدولية.
رغم الأزمات مثل 2008 وكوفيد-19، إلا أن السهم عاد للصعود.
السعر اليوم أعلى بكثير من 100 ريال، مع الأخذ في الاعتبار التوزيعات والتغييرات الرأسمالية التي رفعت العائد الكلي للمستثمرين الأوائل.
ما العوامل التي تؤثر على سعر السهم بعد الاكتتاب ؟
أداء الشركة المالي.
توزيع الأرباح.
الأوضاع الاقتصادية.
الأحداث الجيوسياسية.
قرارات تنظيمية أو استحواذات مثل دخول أرامكو.
هل من الأفضل شراء السهم عند الاكتتاب دائمًا ؟
ليس دائمًا.
أحيانًا تكون التقييمات مبالغ فيها، ما يؤدي لانخفاض السعر بعد الإدراج.
العبرة بدراسة نشرة الاكتتاب وتحليل الشركة لا الاعتماد على “الضجة الإعلامية”.
ما أهمية سابك في السوق السعودية ؟
سابك تعد ثالث أكبر شركة في السوق من حيث القيمة السوقية، ولها دور مهم في مؤشرات السوق، وهي داعم قوي لاقتصاد المملكة عبر الصناعات البتروكيماوية والصادرات.
كيف يمكنني حساب العائد لو كنت مستثمرًا من يوم الاكتتاب ؟
احسب إجمالي عدد الأسهم بعد المنح والتجزئة، أضف أرباح التوزيعات عبر السنوات، ثم قارن ذلك بالمبلغ الأصلي المدفوع.
توجد أدوات ومواقع تحسب العائد التراكمي بدقة مثل “تداول” و”أرقام”.
ماذا يمكن أن أتعلم من قصة سهم سابك ؟
قوة الاستثمار طويل الأجل.
أهمية اختيار شركات قوية.
الصبر على تقلبات السوق.
متابعة أداء الشركة باستمرار.
الاستفادة من التوزيعات لا فقط من فرق السعر.
لماذا يُعتبر اكتتاب سابك من أنجح الاكتتابات في تاريخ السوق السعودي ؟
لعدة أسباب مجتمعة:
الثقة الحكومية: سابك كانت مشروعًا وطنيًا استراتيجيًا مدعومًا من الدولة منذ نشأتها، مما أعطى المستثمرين ثقة عالية.
القطاع الصناعي: دخولها في قطاع البتروكيماويات، الذي يمثل شريانًا رئيسيًا لاقتصاد المملكة، جذب شريحة واسعة من المستثمرين.
الربحية المستمرة: منذ اكتتابها وحتى اليوم، نادرًا ما مرت سابك بسنوات خاسرة، ما رفع من ثقة المستثمرين فيها.
نمو الشركة وتوسعها عالميًا: لم تكتفِ بالنمو المحلي بل استحوذت على شركات كبرى في أوروبا وآسيا، مما أدى إلى مضاعفة أصولها وأرباحها.
العوائد الموزعة للمستثمرين: سابك وفرت للمستثمرين عوائد ممتازة من خلال توزيعات نقدية منتظمة وأسهم منحة.
ما الفرق بين “سعر الاكتتاب” و”القيمة السوقية” للسهم ؟
سعر الاكتتاب هو السعر الذي تُعرض به الأسهم لأول مرة عند الطرح العام، ويتم تحديده إما بناءً على تقييم الشركة (في آلية Book Building الحديثة) أو على السعر الاسمي كما في اكتتاب سابك.
القيمة السوقية للسهم تتغير باستمرار بعد الإدراج وتعكس تفاعل قوى العرض والطلب في السوق، بناءً على نتائج الشركة، التوقعات، التوزيعات، والظروف الاقتصادية.
مثال: سابك اكتتبت بسعر 100 ريال، لكن سعرها بعد الإدراج بدأ يتذبذب وصعد مع مرور الوقت، ليصل إلى مستويات أعلى من ذلك بكثير، ما يعكس تقييم المستثمرين المتغير لأداء الشركة.
كيف أثّر دخول أرامكو كمساهم رئيسي في سابك على السهم ؟
في عام 2020، أعلنت شركة أرامكو السعودية استحواذها على 70% من أسهم سابك من صندوق الاستثمارات العامة بقيمة تجاوزت 69 مليار دولار.
هذا الحدث كان له تأثيرات متعددة:
تعزيز التكامل الصناعي بين أرامكو (النفط الخام) وسابك (المنتجات التحويلية).
رفع مستوى الكفاءة التشغيلية من خلال توحيد الجهود.
إعادة هيكلة بعض العمليات لتحقيق مزيد من الربحية.
رغم بعض التقلبات بعد الصفقة، فإن التوقعات طويلة الأجل بقيت إيجابية، خصوصًا بعد دمج الأصول وتحسين سلاسل الإمداد.
هل يؤثر سعر النفط على سعر سهم سابك ؟ ولماذا ؟
نعم، بشكل كبير.
لأن:
سابك تعتمد على المواد الهيدروكربونية (النفط والغاز) كمادة خام في صناعتها.
ارتفاع أسعار النفط قد يزيد التكاليف، لكن في بعض الحالات يعزز هوامش الربح إذا ارتفعت أسعار المنتجات البتروكيماوية بالتوازي.
كما أن أسعار النفط تؤثر على الاقتصاد السعودي عمومًا، وهو ما ينعكس على سوق الأسهم وأداء الشركات الصناعية مثل سابك.
أيضًا المستثمرون العالميون يربطون أداء شركات البتروكيماويات بأداء النفط، لذلك تحدث حركة جماعية في الأسعار عندما يتحرك النفط صعودًا أو هبوطًا.
ما الفارق بين الاستثمار في سهم سابك لأجل طويل وبين المضاربة عليه ؟
الاستثمار طويل الأجل يعني شراء السهم والاحتفاظ به سنوات للاستفادة من النمو التدريجي في الأرباح وتوزيع الأرباح والتوسعات.
المضاربة تعني شراء السهم لتحقيق أرباح سريعة من فروق الأسعار خلال أيام أو أسابيع.
سابك مناسبة أكثر للمستثمر طويل الأجل نظرًا لقوتها وثباتها المالي، لكنها أقل جاذبية للمضاربين الذين يبحثون عن تقلبات سعرية كبيرة وسريعة كما يحصل في أسهم الشركات الصغيرة أو “أسهم المضاربة”.
كيف يستفيد المستثمر من توزيعات سابك على المدى الطويل ؟
سابك تعتبر من الشركات المنتظمة في التوزيعات النقدية، وهذا يعني أن المستثمرين يحصلون على عوائد سنوية دون الحاجة لبيع أسهمهم.
هذا التوزيع يمكن reinvest (إعادة استثماره) لشراء المزيد من الأسهم، ما يحقق:
تأثير التراكم المركب (Compound Effect).
زيادة عدد الأسهم المملوكة بمرور الوقت.
تعظيم رأس المال المستثمر.
مثال توضيحي: إذا قمت بإعادة استثمار التوزيعات منذ عام 1990، فإن محفظتك في سابك قد تكون تضاعفت أكثر من 10 مرات مقارنة بمن اكتفى بشراء السهم ولم يعيد استثمار العوائد.
ما الدروس التي يمكن استخلاصها من متابعة أداء سهم سابك منذ الاكتتاب ؟
الاستثمار طويل الأجل في شركات قوية غالبًا ما يكون مجزيًا جدًا.
لا يجب تقييم أداء سهم بعد أشهر فقط من الاكتتاب، بل يجب الانتظار لسنوات لرؤية الصورة الكاملة.
أهمية اختيار الشركات ذات رؤية استراتيجية واستقرار مالي.
ضرورة فهم العلاقة بين السهم والاقتصاد الكلي، مثل النفط، الدولار، والتجارة العالمية.
الثقة في المؤسسات الكبرى مثل سابك يجب أن تكون مبنية على تحليلات لا على مجرد سمعة، رغم أن سمعتها تسند ثقة المستثمرين فعلاً.
فهم سعر سهم سابك عند الاكتتاب هو أكثر من مجرد معرفة رقم؛ إنه بوابة لفهم تطور السوق المالية السعودية ونضجها.
كما أنه درس حقيقي في الصبر والعائد التراكمي للاستثمار طويل الأمد.
قد لا تتكرر قصة سابك في كل شركة، لكن المبادئ التي بنيت عليها تبقى صالحة لأي اكتتاب ناجح.